(1274-1225) توما الأكويني
Thomas Aquinas, Tommaso d'Aquino, Thomas of Aquino
Thomas Aquinas, Tommaso d'Aquino, Thomas of Aquino
ولد توما الأكويني حوالى 1225 في قصر عائلته روكاسيكا بالقرب من أكوينو (وسط إيطاليا) التي كانت خاضعة لسيطرة مملكة صقلية حينذاك، وكان والده لاندولف الأكويني ثريا ونافذا بصفته فارسا في خدمة الإمبراطور فريدريك الثاني (1194-1250)، وعمه تشينيبالد رئيس مونتي كاسينو، أقدم دير للآباء البندكتيين.
وقد اختارت له العائلة أن يسير على خطى عمه في دير مونتي كاسينو حيث بدأ علمه في سن الخامسة.
لكن بسبب نزاع عسكري نشب بين فريدريك الثاني رأس الامبراطورية الرومانية المقدسة، ملك ألمانيا وإيطاليا، والبابا غريغوريوس التاسع (1145-1241) حاكم الولايات البابوية، وامتد إلى الدير في أوائل 1239، اضطر الشاب بعد تسع سنوات في الدير للعودة إلى عائلته بعدما طرد الإمبراطور الرهبان لأنهم كانوا مطيعين جدًا للبابا.
بعد ذلك أرسل إلى جامعة نابولي التي أسسها الإمبراطور حديثا، وهناك اطلع للمرة الأولى على الأعمال العلمية والفلسفية التي كانت تُترجم من اليونانية والعربية، بما فيها كتابات أرسطو وابن رشد وابن ميمون. لكنه وقع أثناء دراسته في نابولي تحت تأثير واعظ من رهبنة الدومينيكان في نابولي كان ينشط لتجنيد أتباع متدينين.
في سن التاسعة عشرة، قرر توماس الانضمام إلى رهبنة الآباء الدومينيكان. لكن ذلك أغضب عائلته التي حاولت بشتى الوسائل ردعه عن تنفيذ قراره بلا جدوى.
في 1245، أرسل للدراسة في كلية الآداب في جامعة باريس حيث التقى على الأرجح بألبير الكبير الذي كان ينتمي إلى رهبنة الدومينيكان ويشغل حينها منصب رئيس قسم اللاهوت في كلية سان جاك في باريس.
وعندما أُرسل ألبير الكبير بقرار من رؤسائه للتدريس في كولونيا في 1248، تبعه توماس ورفض عرض البابا إنوسنت الرابع (1195-1254) بتعيينه رئيسًا لدير مونتي كاسينو.
عمل توما في التدريس في كولونيا كأستاذ متدرب ثم عاد إلى باريس في 1252 لمواصلة دراسة اللاهوت وألقى محاضرات في الكتاب المقدس كأستاذ متدرب.
في ربيع 1256، عين أستاذا لعلم اللاهوت في باريس حيث بقي حتى 1259 وألف عددا كبيرا من الكتب.
في 1259 أكمل دراسته وعاد إلى نابولي حيث تم تعيينه واعظا عاما في 29 أيلول (سبتمبر) 1260. وبعد عام تماما دعي إلى أورفيتو كمحاضر للدير، وكان مسؤولاً عن التكوين الرعوي للرهبان غير القادرين على الدراسة في الجامعة.
في 1265، استدعى البابا كليمنت الرابع (1190-1268) المنتخب حديثًا توما الإكويني إلى روما ليكون لاهوتي البيت البابوي. واعتبارا من هذا العام تنقل في مختلف الأديرة البندكتية للتعليم في مدارسها وعاد للتعليم في باريس.
وقد اتهمه بعض الفرنسيسكان بتشجيع أفكار ابن رشد مع أنه كان مستاء من انتشارها وغضب عندما اكتشف أن أحد الأساتذة يدرس التفسيرات الرشدية لأرسطو للطلاب الباريسيين.
في 10 كانون الأول (ديسمبر) 1270، أصدر أسقف باريس إتيان تامبييه (توفي في 1279)، مرسوما يدين ثلاث عشرة فكرة لأرسطو وابن رشد ويعتبرها هرطقة ويعرّض للحرم أي شخص يستمر في دعمها.
كانت مجموعة من رجال الدين يُطلق عليها اسم الأوغسطينيين، تخشى أن يؤدي إدخال الأرسطية والمذهب الرشدي الأكثر تطرفًا إلى تلويث نقاء الإيمان المسيحي. وفي ما يبدو أنه محاولة لمواجهة الخوف المتزايد من الفكر الأرسطي أجرى توما سلسلة من المناظرات بين عامي 1270 و1272.
في 1277، أصدر أسقف باريس نفسه إدانة أوسع تؤكد أن قوة الله المطلقة تتجاوز أي مبادئ منطقية قد يضعها أرسطو أو ابن رشد، ونشر لائحة من 219 فرضية بينها عشرون لتوما الاكويني تشكل انتهاكا لهذه الفكرة مما ألحق ضررا كبيرا بسمعته.
توفي توما الأكويني في دير فاسانوفا في الولايات البابوية في السابع من آذار (مارس) 1274.
وقد نقلت رفاته من فاسانوفا إلى كنيسة اليعاقبة في تولوز في فرنسا في 28 كانون الثاني (يناير) 1369.
مملكة صقلية: دولة أسسها في صقلية وجنوب شبه الجزيرة الإيطالية روجيرو الثاني في 1130 بعد كونتية صقلية التي أنشئت خلال غزو النورمان للجزيرة في 1071. وقد استمرت حتى 1816.
فريدريك الثاني (1194-1250) ملك صقلية من 1198 ملك ألمانيا من عام 1212 ملك إيطاليا والإمبراطور الروماني المقدس من 1220 وملك القدس من 1225. كان ابن الإمبراطور هنري السادس من أسرة هوهنشتاوفن والملكة كونستانس الصقلية. كانت طموحاته السياسية والثقافية هائلة مع حكمه لمنطقة شاسعة تمتد من صقلية إلى ألمانيا. ومع تقدم الحروب الصليبية سيطر على القدس ونصب نفسه ملكًا لها. وفريديريك الثاني أثار غضب الكنيسة الكاثوليكية عندما سمح بعمليات التشريح الأولى من أجل تطوير الطب.
الآباء الدومينيكان نظام رهباني كاثوليكي مدافع عن الحق البابوي، أسسه في فرنسا الكاهن الإسباني والقديس دومينيك. هدفه التبشير بالإنجيل ومقاومة البدع. وقد احتل النشاط التعليمي للرهبانية وتنظيمها طليعة الحياة الفكرية للعصور الوسطى.
البندكتيون هم أعضاء رهبانية القديس بنديكتوس (حوالى 480- حوالى 547) الذين يتبعون طريقة حياة حددها لكنهم لا يشكلون نظاما دينيا ماحددا لأن كل دير مستقل بذاته. وقد انتشرت تلك الطريقة تدريجيا في إيطاليا وبلاد الغال في القرون الوسطى وهي تقضي بدمج الصلاة والعمل اليدوي والدراسة بعناية في روتين يومي شامل في الدير. وهم يسمون أيضا بالأباء السود بسبب لون لباسهم. أسس بنديكتوس أول دير اتبع هذا النظام في مونتي كاسينو (80 كلم جنوب شرق روما) ازدهر في القرنين الحادي عشر والثاني عشر وكان له دور كبير في تشجيع العلوم. وقد أقام علاقات جيدة مع الكنيسة الشرقية ووظف حرفيين بيزنطيين ومسلمين.
نذر الامبراطور فريدريك الثاني يوم تتويجه في روما في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 1220، أن يقود حملة إلى الأراضي المقدسة في آب (أغسطس) 1221 لكنه لم يتمكن من تحقيق ذلك. لذلك بدأ البابا غريغوريوس التاسع حبريته بتعليق عمله بسبب تباطؤه في إطلاق الحملة الصليبية السادسة. لجأ فريدريك الثاني إلى حكام أوروبا يشكو من معاملة البابا الذي ألقى عليه الحرم وهدد بعزله. قاد فريدريك الثاني حملة إلى الأراضي المقدسة واستولى على القدس لكنه لم ينل ثقة غريغوري التاسع. فقد تعرضت الولايات البابوية التي كانت واحدة من أقوى دول إيطاليا، للغزو في غيابه. في حزيران (يونيو) 1229، عاد فريدريك الثاني من الأراضي المقدسة، وهزم الجيش البابوي الذي أرسله غريغوريوس التاسع لغزو صقلية، وقدم مبادرات سلام جديدة للبابا. عرف هذا النزاع الذي استمر من 1228 إلى 1230 باسم حرب المفاتيح. لكنه اندلع مجددا في 1239 وحرم البابا الامبراطور من الكنيسة مجددا واتهمه بالهرطقة ورد فريديريك الثاني بمحاولة الاستيلاء على أكبر عدد ممكن من السفن التي تحمل الأساقفة إلى المجمع أو إغراقها واعتبر أساقفته البابا "المسيح الدجال".
كلية سان جاك في باريس أو "كلية اليعاقبة"، الاسم الآخر للدومينيكان، كانت هذه الكلية معهدهم التعليمي وأغلقت في 1790 ودمرت مبانيها بين 1800 و1849.
تفسيرات ابن رشد لأرسطو: بحلول منتصف القرن الثالث عشر، كانت جميع الكتابات المهمة لابن رشد قد ترجمت إلى اللاتينية وأصبحت معروفة في باريس. بعد ذلك، بدأ الاهتمام ينصب على فهم العقيدة الأرسطية "الخالصة"، مما سبب انقساما بين معسكرين في القرن الثالث عشر حول عدد من المسائل العقائدية اللاهوتية: القديس توما وأتباعه الدومينيكان، وأتباع القديس بونافنتورا الفرنسيسكان ويسمون أيضا الأوغسطينيون. وكان الخلاف كبيرا إلى درجة أن الأساتذة منعوا من مناقشة مسائل لاهوتية في تعليمهم في 1272 بناء على مرسوم لرئيس جامعة باريس اتيان تامبييه اسقف باريس من 1268 إلى 1279، الذي أصدر إدانة أخرى لعدد كبير من النظريات في 1277.
تمحورت مناظرات توما الاكويني بين 1270 و1272 حول "الفضائل بشكل عام" و"فضائل الكاردينال" و"الأمل".
"المستشرقون"، عبد الرحمن بدوي
"St. Thomas Aquinas | Biography, Philosophy, & Facts", Encyclopædia Britannica.