(1311-1240) أرنالدو دي فيلانوفا

ولد الطبيب والإصلاحي الإيطالي أرنالدو دي فيلانوفا حوالي العام 1240. لكن مكان ولادته غير واضح إذ ورد في مخطوطة كتبها بنفسه أنه مولود في قرية فيلانوفا وهو اسم يحمله عدد كبير من البلدات في فرنسا وإيطاليا ومملكة أراغون.

عندما كان طفلاً، نشأ بالقرب من برشلونة أو بلنسية في اسبانيا ودرس على يد مبشرين من رهبنة الدومينيكان اللاهوت واللغات اللاتينية والعبرية والعربية. ويبدو أنه أتقن اليونانية واللاتينية أيضا. وكان لا بد من دراسة هذه اللغات في تلك الفترة لتعلم الطب.

درس الطب في مونبيلييه حتى 1260. ويعتقد أنه عاش في باريس بين 1265 و1275 لتطوير معرفته والحصول على شهادته الجامعية العليا.

وبين 1280 و1308 كان على الأرجح يتابع دراساته الطبية في باريس معتمدا على كتب الطب العربية التي ترجم عددا منها أعمال لابن سينا وأبي الصلت. لكنه لم يكن يقيم في المدينة بشكل دائم، بل كان يمارس مهنته كطبيب في أرياف بلنسية.

في 1285 دعاه ملك أراغون بطرس الثالث (1276-1285) ليصبح كبير أطباء البلاط وسفيرا له لدى ملك فرنسا فيليب الرابع أو فيليب لو بل (1268-1314). وتشير وثائق إلى وجوده في برشلونة في 1286 لتعليم الكيمياء ومواصلة دراسته الطب.

وبعد وفاة بطرس الثالث ملك أراغون، قام بعدد من المهام لخليفته خايمي الثاني (1291-1327) لكنه طرد من البلاط لأنه انتقد سلطات الكنيسة وألقى عليه أسقف طركونة – اسمها الاسباني تاراغونا -  الحرم.

غادر برشلونة إلى مونبيلييه حيث عمل في التعليم في مدرسة الطب، ثم أصبح رئيسا لمدرسة الطب في باريس وتنقل من جامعة إلى أخرى.

في 1299، أدانته جامعة باريس بالهرطقة، وسُجن بسبب أفكاره حول إصلاح الكنيسة. لكن البابا بونيفاس الثامن (1230-1303) الذي شفاه أرنالدو من مرض مؤلم، تدخل وأنقذه.

في 1306، عالج البابا كليمنت الخامس (1264-1314) في بوردو ثم دعي ليصبح مستشاره في مدينة أفينيون. ومن المؤكد أنه كان وراء المرسوم البابوي الصادر في الثامن من أيلول (سبتمبر) 1309 ويفرض على طلاب الطب معرفة حوالي خمسة عشر رسالة يونانية عربية، بما في ذلك رسائل غالينوس وابن سينا.

في 1309، اعتقل عند وصوله إلى باريس. فقد أثار كتابه "في نهاية العالم" (De Adventu antichristi) غضبا شديدا واتهم بالتكهن بنهاية العالم وبإحياء السحر القديم. وخرج من السجن بفضل صديق نافذ لكن محاكمته جرت في كلية اللاهوت بحضور الاسقف. وأمرت جامعة السوربون بإحراق أعماله في ساحة عامة لذلك لم تصلنا أي أعمال فلسفية له.

حاول أرنالدو التقرب من البابا بإعطائه نسخة مصححة من أطروحته المدانة. إلا أن القضاة الباريسيين توقعوا ذلك وأرسلوا إلى الحبر الأعظم النسخة الأصلية التي أثارت غضبهم. وأودع السجن وكان عليه أن يتراجع عن أخطائه أمام مجمع سري.

احتج أرنالدو لدى الملك فيليب لو بيل (1268-1314) وكليمنت الخامس (البابا من 1305 إلى 1314) اللذين سمحا له بمغادرة مملكة فرنسا.

وللهرب من محاكم التفتيش لجأ إلى صقلية تحت حماية ملك أراغون وصقلية فريدريكو الثاني (1272-1337) وملك نابولي روبرتو (1276-1343).

دعاه بعد ذلك البابا كليمنت الخامس إلى أفينيون لمعالجته وعفا عنه. وتوجه أرنالدو إلى أفينيون، لكن السفينة التي كانت تقله غرقت قبالة ساحل جنوة في إيطاليا ولقي مصرعه في السادس من أيلول (سبتمبر) 1311 أو 1312، ودُفن في جنوة.

اشتهر ببراعته في الطب وكان طبيب ثلاثة بابوات وثلاثة ملوك وهو أول طبيب استخدم الكحول في التعقيم.

ويعتقد أنه كان كيميائيا. فقد زين باب منزله في مونبيلييه بمنحوتات لأسد يزأر وتنين يقضم ذيله (أوروبوروس)، وهما رمزان كيميائيان، وكان يلقب أيضا بالمنجم.