(1838-1758) سيلفستر دو ساسي
ِAntoine Isaac Silvestre de Sacy
ِAntoine Isaac Silvestre de Sacy
أنطوان اسحق سيلفستر دو ساسي هو أحد رواد الفكر الاستشراقي، وقدم بصفته مستشرقا، المشورة حول مصالح فرنسا في الشرق الأوسط في عهد الإمبراطورية.
ولد سيلفستر دو ساسي في 21 أيلول (سبتمبر) 1758 في باريس حيث استقر والده جاك ابراهام سيلفستر الذي كان يعمل كاتب عدل، مع أسرته الكبيرة.
توفي والده وهو طفل فتلقى تعليما دينيا من والدته التي أولت اهتماما كبيرا لتعليمه وكلفت أفضل المدرسين تدريسه الأدب القديم. وقد ظهرت موهبته في تعلم اللغات في وقت مبكر.
وفي سن الثانية عشرة تعلم اللغة العبرية على يد يهودي والعربية على يد الراهب البندكتي جورج فرنسوا بيرتورو المتخصص باللغات الشرقية (1794-1832) ، ثم تعلم بنفسه السريانية والسامرية والكلدانية والفارسية والتركية وبعدها الإنكليزية الألمانية والإيطالية والإسبانية.
درس القانون وعين في 1781 مستشارا في ديوان النقود الذي تأسس في 1552 لمراقبة سك العملة وتداول المعادن الثمينة. لكنه واصل في الوقت نفسه دراسته للغات وبدأ ينشر أعمالا تتعلق خصوصا بالعهد القديم.
وكان قد بدأ في 1780 نشر ملاحظات حول نسخة سريانية من "سفر الملوك" كان قد أرسله سامريون إلى المستشرق جوزف جوست اسكاليغر (1540-1609) في نشرة "مرجع الأدب الكتابي والشرقي" التي كان يصدرها المستشرق والمؤرخ وعالم اللاهوت الألماني يوهان غوتليب آيشهورن (1752-1827). وفي تلك الفترة كان يراسل عددا من كبار المستشرقين في أوروبا حينذاك.
في 1785 أصبح عضوا في أكاديمية النقوش التي كانت تسمى "الأكاديمية الصغيرة" وتهتم بالنقوش والميداليات، ونشر برعايتها "رسائل عن تاريخ العرب قبل محمد" وتتعلق بأصل أدبهم، وترجم وكتب بين 1787 و1791 عددا من الأعمال ونشر في 1793 كتابه "رسائل عن آثار بلاد فارس".
في 1791، أصبح أحد المفوضين العامين المسؤولين عن الإشراف على تصنيع العملات المعدنية، وفي العام التالي، تم تعيينه عضوًا كامل العضوية في أكاديمية النقوش.
لم توقف الثورة الفرنسية دو ساسي الملكي الذي عارض إصلاحاتها الكبرى مثل عائلته، عن العمل. فقد استقال من أكاديمية النقوش في 1792 وانتقل للعيش في عزلة مع عائلته في مزرعة في قرية أوني (Ognes) بين الفلاحين وواصل دراساته التي تركزت خصوصا على البحث في معتقدات الدروز. ولم يكن بوسعه إلا القيام بزيارات خفية إلى مكتبات باريس.
في 1795 وبعد إنشاء مدرسة للغات الشرقية الحية بقرار من "هيئة الوفاق الوطني" الثورية، دعي إلى تدريس اللغة العربية فيها. وقد نشر في 1799 "مبادئ النحو العام" ثم في 1810 "قواعد اللغة العربية لطلاب المدرسة الخاصة للغات الشرقية"، وهما من أهم مؤلفاته.
وبسبب رفضه أداء قسم على نبذ الملكية، اضطر للاستقالة لكنه واصل تعليم اللغة العربية إلى أن يتم العثور على أستاذ آخر، لكن هذا لم يتحقق ولم يتم تسريحه. في الوقت نفسه، أصبح أحد محرري "لو جورنال دي سافان" (مجلة العلماء)، أقدم نشرة دورية أدبية وعلمية في أوروبا تصدر منذ 1665 إلى اليوم.
وقد اكتسب شهرة كبيرة بين المستشرقين الذين تناولوا اللغتين العربية والفارسية نظرا للأعمال الكثيرة والمهمة التي نشرها. وكان من أهم الشخصيات التي ربطت بين الأوساط الأكاديمية والسياسة العامة في هذا المجال.
في 1805، كلف التوجه إلى جنوة لجلب مخطوطات شرقية، لكنه أخفق في هذه المهمة واكتفى بالحصول على بضع وثائق تاريخية. بعد ذلك عين في 1806 أستاذا للغة الفارسية في "كوليج دو فرانس" ثم أصبح نائبا عن باريس في 1808.
عند عودة الملكية عين دو ساسي مراقبا ملكيا في 1814، ثم أصبح في العام التالي عضوا في هيئة التعليم العام ورئيسا لجامعة باريس..
في 1822، أسس "الجمعية الآسيوية" مع الباحث في الشؤون الصينية جان بيار أبيل-ريموزا (1788-1832)، بهدف تعزيز اللغات الشرقية ونشر أعمال وتقارير المستشرقين وجمع المجتمع العلمي الناطق بالفرنسية في مؤتمرات شهرية. وكان رئيسا لها حتى 1825. كما أسس "المجلة الآسيوية" (Journal asiatique) في 1822.
في 1823 أصبح مديرا للكلية الفرنسية وفي العام التالي تولى إدارة "المدرسة الخاصة للغات الشرقية".
وبمبادرة من سيلفستر دو ساسي أنشئت كراس للغات السنسكريتية والهندوستانية والصينية والمانشو في "الكلية الفرنسية".
بعد ثورة تموز (يوليو) 1830 التي أعادت الحكم الملكي في فرنسا، لم يطرأ تغيير على مكانته وعين مفتشا للطباعة الشرقية في المكتبة الملكية (1832) وأمينا للمخطوطات الشرقية في دار الطباعة الملكية وأمين دائما لأكاديمية النقوش والآداب.
وإلى جانب كل هذه الوظائف واصل تعليم اللغتين العربية والفارسية حتى وفاته في 19 شباط (فبراير) 1838 في باريس.
أصبح طلاب دو ساسي من أبرز علماء الاستشراق في أوروبا، أشهرهم جان فرانسوا شامبليون (1790-1832)، مكتشف حجر رشيد الشهير في مصر. وكان دو ساسي نفسه من أوائل الذين تمكنوا من قراءة الكتابات المصرية القديمة وإن بشكل محدود.
ومن خلال تلاميذه، أثر نهج دو ساسي الذي يوصف بأنه "مؤسس الدراسات العربية الحديثة في فرنسا"، على دراسة الشرق في جميع أنحاء أوروبا للجيل التالي وحتى القرن العشرين.
مؤلفاته
"رسائل عن تاريخ العرب قبل محمد" (1785)
"رسائل عن الآثار المختلفة لبلاد فارس" (1793)
"مبادئ النحو العام موضوعة في متناول الأطفال ومناسبة لتكون بمثابة مقدمة لدراسة جميع اللغات" (1788)
"مقتطفات من كتاب عرب مختلفين" لطلاب المدرسة الخاصة للغات الشرقية الحديثة
"قواعد اللغة العربية لطلاب المدرسة الخاصة للغات الشرقية الحية" (1810)
"رسائل عن آثار كرمانشاه أو بيسوتون" (1815)
"رسائل عن التاريخ والأدب الشرقي" (1818) يتضمن مقالات شهيرة له عن "سلالة الحشاشين وأصل أسمائهم"
"مختارات نحوية عربية" أو "مقاطع مختارة من نحاة وعلماء عرب مختلفين" (1829)
"عرض دين الدروز" (1838)
"تاريخ ملوك بلاد فارس من السلالة الساسانية" لمير هوند (ترجمة) (1793)
"رسالة في العملات الإسلامية" لأحمد بن علي المقريزي (ترجمة) (1797)
"العلاقة العربية مع مصر" لعبد اللطيف البغدادي (ترجمة) (1810)
"كليلة ودمنة" أو "أساطير بيدباي"(ترجمة) (1816)
"بن نامه" أو "كتاب النصيحة" لفريد الدين العطار (ترجمة) (1819)
"مقامات الحريري" (ترجمة) (1822)
"حياة الصوفيين" أو "أنفاس الألفة" لنور الدين عبد الرحمن (ترجمة) (1831)
جورج فرنسوا بيرتيرو (1732- 1794) راهب بندكتي فرنسي ومتخصص في اللغات الشرقية. أستاذ للغة اليونانية القديمة والعبرية في دير سانت لوسيان في بوفيه ثم في دير سانت دوني. تخلى عن التعليم ليشارك في عمل حول تاريخ فرنسا وترجم مجموعة كبيرة من النصوص من مخطوطات عربية متعلقة بتاريخ الحروب الصليبية. وقد ترك مخطوطة بعنوان "تاريخ عام للحروب الصليبية" مترجم من العربية ولائحة مراجع للحروب الصليبية.
في 1789 أطاحت الثورة الفرنسية الحكم الملكي وأعلنت الجمهورية الأولى. بعد ذلك أصبحت فرنسا في 1804 امبراطورية وأعلن نابوليون بونابرت امبراطورا، ثم أعيد النظام الملكي في 1814 و1815، تلته ثورة ثانية استمرت ثلاثة أيام في 1830 وعودة مملكة فرنسا التي استمرت من 1830 إلى 1848. في 1848 شهدت فرنسا ثورة ثالثة أفضت إلى إعلان الجمهورية الثانية. استمرت هذه الجمهورية حتى 1852 عندما أصبح نابوليون الثالث امبراطور الفرنسيين.
"الأكاديمية الملكية للنقوش والأدب" جمعية فرنسية هدفها دراسة تاريخ النقوش والميداليات، فتحت في 1663.
الجمعية الآسيوية أنشئت في باريس في 1822 وكانت الأولى من نوعها في أوروبا. وكانت نموذجا احتذى به الانكليز لتأسيس الجمعية الآسيوية الملكية في لندن بعد عام واحد. أهداف الجمعية تشجيع تعلم اللغات الشرقية ونشر أعمال وتقارير المستشرقين وجمع الناطقين بالفرنسية منهم في لقاءات شهرية. وكان أول رئيس لها انطوان اسحق سيلفستر دو ساسي.