(1967-1891) فرانتس بابينغر
Franz Babinger
Franz Babinger
بابينغر مستشرق ومؤرخ متخصص بالسلطنة العثمانية. كان أستاذا جامعيا بارعا وتعلم بنفسه اللغتين الفارسية والعبرية قبل أن يبدأ دراسته الجامعية في التاريخ والفن الإسلامي.
ولد بابينغر في 15 كانون الثاني (يناير) 1891 في مدينة فايدن في شرق بافاريا لأب كاثوليكي روماني يعمل في السكك الحديد وأم من أصول يهودية.
بدأ دراسته في 1897 في المدرسة الثانوية الجديدة في مدينة فورتسبورغ في شمال بافاريا بعد انتقال العائلة البافارية المحافظة إليها.
ويعتقد أن اهتمامه بالشرق بدأ عندما كان طالبا في المدرسة الثانوية إذ كان يمضي وقته في المكتبات بحثا عن أعمال المستشرقين. في تلك الفترة جمع مجموعة كبيرة من صور المستشرقين. كما تعلم اللغات الفرنسية واللاتينية واليونانية.
في 1911 بدأ دراسة علم الهند في جامعة ميونيخ. وخلافا لما كان عليه خلال المرحلة الثانوية، أبدى حماسا كبيرا للتعلم وشارك في كل المجالات المرتبطة بدراسته من الأدب إلى الفنون واللغات. ويبدو أنه تمكن من تحسين معرفته باللغات العربية والآرامية والعبرية والفارسية والسنسكريتية.
حصل بابينغر على درجة الدكتوراه في 1914 بأطروحة عنوانها "حياة وأعمال المستشرق غوتليب سيغفريد باير (1694-1738)".
خلال الحرب العالمية الأولى، تدرب كجندي في "فيلق المدفعية الميدانية البافاري" ثم استدعي إلى وحدات المدفعية العثمانية المتمركزة في إسطنبول. وعلى الرغم من ترقيته في صفوف المدفعية، طلب من السلطات منحه إمكانية العمل في مجالات أقرب إلى ما يتقنه، فأصبح مترجما للجنرال الألماني أوتو ليمان فون ساندرز (1855-1929) الملقب ليمان باشا على جبهة إسطنبول.
في 1915، خلال عمله العمل كضابط اتصال وضابط صف في الدردنيل أصيب بمرض وأُرسل إلى ألمانيا في إجازة لفترة قصيرة. وهذا ما سمح له بتدوين وقائع محددة حدثت خلال الحرب إلى جانب نشره صورا ومقالات لإعلام المجتمع الألماني بما يجري في الحرب في صحيفة "فرانكفورتر تسايتونغ".
وخلال عمله على جبهة غاليبولي، قابل مصطفى كمال باشا، كما قال مع أن الباحثين يشككون في صحة ذلك.
بعد انتهاء الحرب، عاد إلى ألمانيا لكنه لم يتمكن من الحصول على عمل في جامعة قبل 1924 عندما تقدم لوظيفة أستاذ مشارك في جامعة فريدريش فيلهلم في برلين. وفي العام نفسه، قدم بحثا بعنوان "الإسلام في المناطق الريفية، الطريق الجديد للبحث الإسلامي" مما ساعده في الحصول على هذه الوظيفة.
في 1925، بدأ تدريس اللغة العربية كمحاضر في قسم الدراسات الشرقية في الجامعة نفسها.
في الفترة نفسها نشر "مؤرخو العثمانيين وأعمالهم" الذي أصبح مرجعا لتاريخ العثمانيين وسير شخصياتهم وعزز موقع جامعة فريدريش فيلهلم كمركز رائد لدراسات الشرق الأدنى.
مع تولي النازيين السلطة في 1933 أجبر على الاستقالة من منصبه بسبب خلافات مع الإدارة النازية للجامعة، وقرر العودة إلى جامعة ميونيخ التي رأت أنه "غير مؤهل للتعليم الأكاديمي ولا يمتلك المعرفة الكافية باللغات السامية".
وبسبب أصول يهودية في عائلته أغلقت أبواب العمل أمامه في ألمانيا النازية ورفض عروضا للهجرة إلى الولايات المتحدة بسبب التزامه بالاهتمام بوالدته. لكن في 1934 وبدعوة من رجل الدولة والأستاذ الجامعي الروماني نيكولاي يورغا (1871-1940) وهو مؤرخ معروف للسلطنة العثمانية، أصبح أستاذا زائرا في جامعة بوخارست.
في 1939 عين أستاذا في جامعة ياشي التي تأسست في 1860 وتعد أقدم جامعة في رومانيا - كان شاهدا في 1941 على مذبحة اليهود في المدينة الواقعة في شمال رومانيا - ثم اصبح رئيسا للمعهد الدراسات التركية الذي تأسس حديثا.
في 1943، تلقى أمرا بمغادرة رومانيا التي أصبحت تحت سيطرة النازيين. فعاد إلى ألمانيا ليقيم مع والدته في فورتسبورغ تحت رقابة مشددة وكان يسافر من وقت لآخر ليكمل عمله الأكاديمي وتمكن من نشر كتاب ومخطوط ومقال في ألمانيا.
في 1945، دمرت غارة جوية منزل والدته بما في ذلك مكتبته ومخطوطاته ومؤلفاته وكتاباته الشخصية. وانتقل إلى منزل صغير في أوكسنفورت حيث عمل موقتا في مركز أرشيف بافاريا.
وبعد الحرب، لم تكن مؤسسات الاستشراق تحتل أولوية في الجامعات بل تقدمت عليها كليات الحقوق والطب، ولم يتمكن بابينغر من استئناف عمله كأستاذ جامعي قبل 1948 مع عودته إلى جامعة ميونيخ لتدريس تاريخ الشرق الأدني وعلم الآثار في 1948 حتى تقاعده في 1958.
واصل دراساته ونشر أعماله إلى أن لقي مصرعه في حادث غرق في مدينة دوريش في ألبانيا في 23 حزيران (يونيو) 1967.
من أشهر أعمال بابنغر سيرة السلطان العثماني محمد الثاني بعنوان "محمد الفاتح وعصره" الذي لم يضمنه أي إشارات إلى مصادره وتوفي قبل أن ينجز مجلدا عن المصادر كان يعده لهذا الكتاب.
وكتب أيضا "بيع الكتب في إسطنبول في القرن الثامن عشر" (1919) و"الشيخ بدر الدين" (1921) و"ووقائع بدايات العهد العثماني" (1925) و"عرض مشروع ليوناردو دافنشي على السلطان بيازيد الثاني" (1952).
يعتبر بابنغر أحد مؤسسي الدراسات العثمانية في ألمانيا وتعد مؤلفاته من أهم مصادر الدراسات العثمانية ليس فقط في ألمانيا، بل في أوروبا بأكملها.
لم يتبن بابينغر نظريات الاستشراق السائدة في عصره بل ركز على النصوص الأصلية التي اعتبرها مفتاحاً لفهم "الإسلام" أو "الشرق الأوسط". وقد ساعدته رحلاته المكثفة ونظرته الثاقبة للظروف المادية في فهم الإمبراطورية العثمانية.
كان بابينغر فظّا وسريع الغضب، واستخدم اللغة الألمانية بشكل غريب يجعل من الصعب على القراء الأجانب فهم أعماله. وهذه الأسباب لم تلق أبحاثه تجاوبا كبيرا من المؤرخين في عصره.
وتكشف مراسلاته أنه ارتبط بعلاقة عمل مع المؤرخ التركي خليل إينالجيك (1916-2016) ثم دمرها مع أنها كان يمكن أن تكسبه جمهوراً تركياً.
كان بابنغر عضوا في أكاديمية غوتنغن للعلوم (1951) وفي الأكاديمية البافارية للعلوم (1954)، وفي أكاديمية لينتشي (1956) وفي الجمعية الفلسفية الأميركية (1964).
مؤلفاته
- "غوتليب سيغفريد باير (1694-1738): مساهمة في تاريخ الدراسات الشرقية في القرن الثامن عشر" (1915)
- "بيع الكتب في إسطنبول في القرن الثامن عسر" (1919)
- "الشيخ بدر الدين ابن قاضي سيماو، مساهمة في تاريخ الطوائف في الدولة العثمانية القديمة" (1921)
- "المؤرخون العثمانيون وأعمالهم" (1927)
- "دالماسيا والبحر الأدرياتيكي". دليل كارل بيديكير للمسافرين (1929)
- "محمد الفاتح وعصره" (1953)
- "تجارة الأثار في البلاط العثماني في القرن الخامس عشر" ومساهمة في تاريخ العملات الذهبية العثمانية في عهد محمد الثاني الفاتح (1956)
- "مذكرات جاكوبو دي برومونتوريو دي كامبيس الجنوي في الدولة العثمانية حوالى العام 1475" (1956)
- "مشهدان عامان لإسطنبول" من 1616 و1642 (1960)
- "مقالات عن تاريخ جنوب شرق أوروبا والمشرق" (مجلدان صدرا في 1962 و1966)
مؤلفاته محفوظة في مكتبة بافاريا وتم فرزها ولكن لم تجر فهرستها بشكل منهجي بعد. ولا يوجد سوى عدد قليل من الرسائل المكتوبة بخط يده لكن هناك آلاف الرسائل الموجهة إليه ب12 لغة.
يمكن الاطلاع على هذا البحث المفصل عن بابنغر بالانكليزية
اسم فايدن الكامل فايدن إن دير اوبربفالتس Weiden in der Oberpfalz
Würzburg
ليمان باشا: جنرال في الجيش الإمبراطوري الألماني عمل مستشارًا عسكريًا للجيش العثماني أثناء الحرب العالمية الأولى. وفي 1918 تولى قيادة الجيش العثماني في حملة سيناء وفلسطين التي انتهت بهزيمته وأسره من قبل البريطانيين.
نيكولاي يورغا (1871-1940) من أشهر مؤلفاته "تاريخ الدولة العثمانية مقدم حسب المصادر" (بين 1908 و1913)
خليل إينالجيك (1916-2016) مؤرخ تركي.
جاكوبو برومونتوريو (توفي في 1487) تاجر ومؤرخ من جنوة عاش في إسطنبول.