بطرس ألفونسي (القرن الثاني عشر)
Petrus Alfonsi
Petrus Alfonsi
بطرس ألفونسي الذي عُرف بأسماء ألفونسي وبيتر ألفونسي وبيتر ألفونسو أيضا، طبيب وكاتب وعالم فلكً أندلسي يعتقد أن اسمه الأصلي هو موسى السفاردي. ولد لعائلة يهودية، في 1062 حسب الموسوعة اليهودية، في الأندلس الإسلامية ودرس فيها وعاش على الأرجح في إنكلترا وفرنسا.
من الوقائع النادرة المعروفة في حياته اعتناقه المسيحية وتعميده في وشقة (اسمها الاسباني أويسكا) عاصمة مملكة أراغون، في يوم القديس بطرس في 29 حزيران (يونيو) 1106. وتكنيا بالقديس بطرس وراعيه وعرابه ملك أراغون ونافارا ألفونسو الأول (1074-1134) اختار اسم بيتروس (بطرس) ألفونسي - في بعض المراجع بيدرو جي ألفونسي -. وكان طبيب البلاط.
في 1116 على أبعد تقدير هاجر إلى إنكلترا حيث أصبح طبيب ملكها هنري الأول (حوالى 1068-1135) وأمضى بضع سنوات هناك قبل أن ينتقل إلى شمال فرنسا.
وتفيد بعض المراجع بأنه اعتنق الإسلام في وقت لاحق لكن هذه المعلومات غير مؤكدة.
أما تاريخ وفاته فهو غير مذكور في الكثير من المراجع (في 1110 حسب الموسوعة اليهودية).
كانت اهتماماته متنوعة من الفلك إلى الطب واللاهوت والأدب وعرف ككاتب خلال حياته. وكان من المستشرقين الأوائل القلائل الذين امتلكوا معرفة عميقة باليهودية والمسيحية والإسلام. وقد عاش مع المسلمين في الأندلس وكان يتقن اللغة العربية.
من أعماله "حوار ضد اليهود" (Dialogus contra ludaeos) و"حوار خيالي بين يهودي ومسيحي". وفي هذه الحوارات التي تدور بين مسيحي ويهودي هاجم ألفونسي الإسلام في فصل بعنوان "العنوان الخامس". ويرى بعض المؤرخين ان الهدف من ذلك ليس الإسلام بحد ذاته بل اليهودية من خلال الربط بين الديانتين. ويشيرون إلى أنه لو أراد مهاجمة الإسلام لوضع كتبا في هذا المجال وهذا ما لم يفعله.
في كتابه "بيتروس ألفونسي وقراؤه في القرون الوسطى"، كتب المؤرخ الأميركي جون فكتور تولان أن ألفونسي "نشأ في مجتمع مضطرب: مكان للفوضى وعدم الاستقرار السياسي كانت فيه اليهودية في صراع مع العلم وأصبح للإسلام والمسيحية تأثير أكبر".
لكن ألفونسي اشتهر بشكل أساسي بعد نشره "التدريب الكتابي" (Disciplina clericalis) وهو مجموعة من 33 حكاية شرقية – عربية وفارسية وهندية - مترجمة إلى اللاتينية في بداية القرن الثاني عشر، ذات طابع أخلاقي. وقد دُمج بعضها لاحقًا في "ألف ليلة وليلة" بما فيها "سندباد الحكيم" (وليس سندباد البحار) و"حكاية عطاف".
اعتبرت هذه الحكايات اول ترجمة لروايات محكية أو مكتوبة في الشرق إلى اللغة اللاتينية.
وحسب المؤرخ تولان "استقبلت نصوص ألفونسي بحماسة (...) ويعزى نجاحه في جزء كبير منه إلى قدرته على ربط عدد من الثقافات ببعضها".
لكن كتابات ألفونسي لم تؤثر كثيرا على المفهوم الاوروبي للاسلام حينذاك الذي اعتمد على الخيال وعلى ما نقل خلال الحملات الصليبية من معلومات لم يكن للكثير منها أي أساس من الصحة.
مؤلفاته الأخرى:
"في التنين" (De dracone) الذي يتضمن حسابات لحركة النجوم
"في الفلك" (De Astronomia) ويحسب فيه حركات النجوم بناء على جداول طبقا للتقويمات العربية والفارسية واللاتينية.
أويسكا (Huesca) في شمال شرق اسبانيا الحالية سماها العرب وشقة وألحقت بإمارة قرطبة بعد غزوها في القرن الثامن ثم استعادها بطرس الأول في 1096.
حكم ألفونسو الأول (1074-1134) مملكة أراغون ونافارا من 1104 حتى وفاته في 1134.
هنري الأول ملك انكلترا من 1100 إلى 1135 كان مؤيدا لحركة إصلاح داخل الكنيسة وداعما لمجموعات تعمل بهذا الهدف.
جون فيكتور تولان (John Victor Tolan) مؤرخ أميركي للعلاقات الدينية والثقافية بين الحضارتين العربية واللاتينية في العصور الوسطى.
عاش ألفونسي في فترة من التغيير الكبير. فقد شهد النصف الأخير من القرن الحادي عشر تحولا هائلا في ميزان القوى حول البحر الأبيض المتوسط مع تقدم كبير حققته القوات المسيحية في شبه الجزيرة الأيبيرية حيث انقسمت دول الطوائف الإسلامية وضعفت، وفي صقلية، التي سقطت في 1091 بأيدي النورمان. وهذه التطورات قلصت الوجود السياسي للإسلام في أوروبا لكنها فتحت أوروبا المسيحية أمام الثقافات الفلسفية والعلمية والطبية والفلكية والأدبية العربية. ولم يقتصر الأمر على المكتبات الضخمة مثل مكتبة طليطلة التي وقعت بأيديهم، بل كان للسكان المهزومين من المستعربين واليهود الأندلسيين تأثيرا ثقافيا عميقا في أوروبا من الهندسة المعمارية إلى الشعر والغناء.
"Petrus Alfonsi and his readers", John V. Tolan