(1292-1214) روجر بيكون
Roger Bacon
Roger Bacon
فيلسوف وعالم وراهب فرنسيسكاني إنكليزي لقب ب"المعلم الرائع".
كغيره من معظم شخصيات عصره، ما زالت المعلومات المتعلقة بسيرته موضع خلاف بين الباحثين. لكن تأثير هذا الفيلسوف والعالم كان كبيرا على تطور العلم في الغرب حيث أرست أفكاره أيضا أسس الاستشراق الأكاديمي بعدما كان يقتصر الأمر في جزئه الأكبر على الترجمة وعلى فهم الكنيسة ورجال الدين للشرق بشكل عام وللإسلام بشكل خاص.
ولد بيكون في مدينة إيلشستر في منطقة سومرست أو في بيسلي في غلوستر في انكلترا حسب المؤرخين الذين اختلفوا بشأن سنة ولادته أيضا: 1210 أو 1213 أو 1214 أو 1215، حتى أن بعضهم يقدرون أنه ولد في 1220 معتمدين على جملة كتبها في 1267 وقال فيها إن "أربعين سنة مرت على تعلمي الأبجدية".
كانت عائلته ثرية من ملاك الأراضي مما سمح له بتعلم الهندسة والرياضيات والموسيقى والفلك في سن مبكرة على يد كاهن.
في سن الثالثة عشرة، بدأ دراسته العليا في جامعة أوكسفورد وحصل في 1236 على شهادته الأولى ثم أصبح أستاذا فيها. ويبدو أنه حصل على درجة "الماجستير في الآداب" من هذه الجامعة.
في 1237 أو 1240، وبعدما سمحت مجددا بتدريس فلسفة أرسطو الذي منع لسنوات، دعته جامعة باريس إلى التعليم فيها وبقي حتى 1247. ويبدو أن اهتمامه بالعلوم بدأ في هذه الجامعة.
في تلك السنوات في أوكسفورد وباريس، كرس بيكون محاضراته لفلسفة أرسطو وساهم بذلك في تعريف أوروبا الغربية بهذا الفيلسوف.
من 1248 إلى 1251 كان باحثا مستقلا في مدينة أوكسفورد على الأرجح، وكرس عمله لتطوير فروع جديدة من العلم - اللغات والبصريات والكيمياء - ولإجراء مزيد من الدراسات في علم الفلك والرياضيات. وقد خصص الكثير من الوقت والطاقة ومبالغ ضخمة من الأموال في أبحاث تجريبية وشراء كتب وصنع أدوات ووضع جداول وتدريب مساعدين، والبحث عن صداقات بين العلماء، وأصبح من كبار المؤيدين للعلوم التجريبية في القرون الوسطى.
عاد إلى باريس في 1251 ثم في 1256 أو 1257 وبقي فيها حتى 1280 ثم انتقل مجددا إلى أوكسفورد حوالى 1280.
في تلك الفترة التحق برهبنة الآباء الفرنسيسكان (في 1251 أو 1256 أو 1257) في باريس أو أوكسفورد.
إلا أن أصيب بمرض منعه من مواصلة أبحاثه لسنتين. وعندما استأنف عمله، أصدرت الرهبنة في 1260 قرارا يمنع الرهبان من نشر أي دراسة أو بحث قبل الحصول على موافقتها "تحت طائلة خسارة الكتاب والصوم لأيام على الخبز والماء". وكان ذلك مشكلة بالنسبة لبيكون الذي اعتُبرت أبحاثه في كثير من الأحيان "بدعا".
لكنه تلقى في 1265 رعاية ودعم البابا كليمنتوس الرابع (1190-1268) الذي كان منفتحا إلى حد ما لكنه كان يخشى أن تتأثر مكانته بدعمه لبيكون، لذلك طلب منه أن يبقي مسألة الدعم تلك سرية. وقد طلب منه إرسال أعماله له، لكن لسوء حظ بيكون توفي كليمنتوس الرابع بعد سنة.
في وقت ما بعد 1278، عاد إلى أوكسفورد حيث أكمل نسخته بمقدمة وملاحظات عن "سر الأسرار" (Secretum Secretorum)، وهو ترجمة لاتينية لنص عربي عن تعليم الأمير كان يعتقد أن أرسطو كتبه للإسكندر الأكبر ويتضمن قصصا وقواعد في السياسة والصحة والتغذية.
وفي الفترة نفسها، حكم عليه الأباء الفرنسيسكان بالسجن بسبب كتاباته في اللاهوت التي اعتبرت "تجديدا مشبوها". وتشير بعض المراجع إلى أنه سجن في 1278 لأنه عمل على نشر علم الكيمياء واتهم لهذا السبب بالسحر إلى جانب انتقاداته لجهل رجال الدين وممارساتهم اللاأخلاقية، بينما تتحدث أخرى عن تعاطفه مع فريق متطرف داخل رهبنة الفرنسيسكان في مسألة محض لاهوتية لا علاقة لها بكتاباته أو علمه.
وبعد انقضاء فترة عقوبته في أحد الأديرة في فرنسا أو في إيطاليا، عاد بيكون على الأرجح إلى إنكلترا حيث عاش حياة هادئة ركز فيها على أبحاثه.
توفي بيكون حوالى 1292 أو 1294 أو 1295.
من أهم مؤلفات بيكون "العمل العظيم" (Opus Majus) ) الذي يتضمن أبحاثا في الرياضيات والبصريات والكيمياء وعلم الفلك ولا سيما نظريات عن مواقع وأحجام الأجرام السماوية. في الجزء الأول من هذا الكتاب وصف المفكرين المسلمين بأنهم "أفضل الفلاسفة" وأيّد فكرة دمج جوانب محددة من الفلسفة الإسلامية في التعليم المسيحي.
في فلسفته، اعتمد بيكون الذي درس كتب بطليموس وابن الهيثم والرازي، على ابن سينا الذي وصفه بأنه عميد الفلسفة بعد أرسطو، وعلى ابن جبيرول، وإسحق الإسرائيلي، وغيرهم.
كان بيكون يرى أن العبرية واليونانية تتقدمان في الأهمية على كل اللغات الأخرى لأنهما كانت لغتي الوحي الأصليتين.
أما "لغات الحكمة" في نظره فهي إلى جانب العبرية واليونانية، العربية والآرامية ولا يمكن للاتين أن يبلغوا الحكمة الكاملة بدون تعلم لغات العلم والدين هذه التي استخدمها القديسون والفلاسفة في مجالات مختلفة. ولم يكن من الضروري التحدث بها بطلاقة برأيه، لكن من المهم فهمها وتقديم معناها باللغة اللاتينية.
انتقد بيكون ترجمات طليطلة إذ رأى أنها نصوص مكتوبة في مخطوطات تم نسخها وبيعها وتوزيعها في جميع أنحاء أوروبا اللاتينية لكن ترجمتها كانت تعتمد على الكلام أو النقل الشفهي.
من الترجمات التي انتقدها بشدة كتاب "الروح" لابن سينا التي أنجزها الأندلسي اليهودي إبراهيم بن داوود (1110-1180) ودومينغو غونزاليس في طليطلة (قبل 1166). فقد كان الأول يتقن العربية والثاني اللاتينية لكن كان لدى كل منهما معرفة محدودة باللغة الأخرى وكان كلاهما يتحدث القشتالية لذلك كان ابن داوود يترجم الكلمات إلى القشتالية شفهيا وينقلها غوديسالينوس إلى اللاتينية.
وكتب عن هرمان الدلماطي "لم يكن يعرف اللغة العربية بشكل جيد، كما اعترف بنفسه، وعمل على المساعدة في الترجمة أكثر من الترجمة بحد ذاتها واحتفظ بالمسلمين معه في اسبانيا الذين أخذوا زمام المبادرة في الترجمات. ومثله مايكل اوف اسكتلند (مايكل سكوت) الذي نسب عددا من الترجمات لنفسه، ولكن من الواضح أن أندرو وهو يهودي، عمل أكثر على ذلك. أنجز مايكل على غرار هيرمان، الترجمة لكن لم يمتلك أي منهما معرفة في العلوم واللغات".
وبعد فشل الحروب الصليبة كان بيكون بين الباحثين الذين رأوا أن الكنيسة يجب ان تبذل جهدأ أكبر طويل الأمد لدفع المسلمين إلى اعتناق المسيحية بشكل سلمي.
إيلشستر Ilchester قرية في منطقة سومرست Somerset في جنوب انكلترا، وبيسلي Bisley، غلوستر Gloucester في جنوب غرب انكلترا.
رهبنة الفرنسيسكان أو الرهبنة الفرنسيسكانية: رهبنة في الكنيسة الكاثوليكية، تأسست على يد القديس فرنسيس الأسيزي (1181-1226) في شمال إيطاليا في 1208 وثبت قوانينها البابا إينوسنت الثالث (1160-1216) في 1209. وتعتمد على روحانية القديس فرنسيس، والقوانين التي وضعها بشكل أساسي.يعيش الفرنسيسكان الإنجيل في فقر، ويعملون من أجل وجباتهم اليومية، ويقدمون كل ما لديهم للفقراء والمرضى والمهمشين. إن أحد الركائز الأساسية للتركيز الروحي للفرنسيسكان.
البابا كليمنت الرابع (1190-1268): البابا ال183 للكنيسة الكاثوليكية. شغل المنصب من 1265 إلى 1268 .
قرار الرهبنة منع نشر الأبحاث في 1260 لم يكن موجها ضد روجر بيكون بالتحديد بل كان عاما وألغي في 1266.
بطليموس (100-160): ألف عددا كبيرا من الأطروحات العلمية كان لإثنتين منها تأثير كبير على العلوم الغربية والشرقية: "كتاب المجسطي" ( Mathematical synthaxis) (الأطروحة الرياضية) و"كتاب الجغرافيا" الذي يجمع المعرفة الجغرافية للعالم اليوناني الروماني. يعد عمل بطليموس استمرارا لتطور طويل في العلوم القديمة يقوم على ملاحظة النجوم والأعداد والحساب والقياس.
أبو بكر الرازي (864-923): طبيبٌ وفيلسوف وعالم رياضيات وكيمياء من اصل فارسي من علماء العصر الذهبي للعلوم. وصفته المستشرقة سيغريد هونكة في كتابها "شمس العرب تسطع على الغرب" بأنه "أعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق".
أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم (965-1040): عالم عربي ساهم في الرياضيات والفيزياء وعلم الفلك والهندسة وطب العيون والفلسفة. من جملة اهتماماته دراسة الظل والكسوف وطبيعة الضوء الفيزيائية، وتوصل إلى أن القمر دون الأجرام السماوية الأخرى يستمد نوره من ضوء الشمس، ولا يضيء بذاته..
ابن سينا أو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا (980-1037): عالم وطبيب مسلم برع في الطب والفلسفةز لقب بالشيخ الرئيس، وفي العصور الوسطى في الغرب بأمير الأطباء وأبي الطب الحديث. ألف نحو مئتي كتاب في الطب والفلسفة من بينها "القانون في الطب" الذي بقي المرجع الرئيسي في الطب لسبعة قرون.
ابن رشد (1126-1198): (Averroes) فيلسوف اندلسي درس الفقه والأصول والطب والرياضيات والفلك والفلسفة ومارس الطب وتولى قضاء قرطبة في 1182. يعد من أهم فلاسفة الإسلام.
"ترجمات طليطلة" قامت بها مجموعة من المترجمين بينهم هرمان الدلماطي وروبرت الرتيني برعاية ريموندو كبير أساقفة طليطلة من 1125 إلى 1152 الذي أمر بترميم كاتدرائية طليطلة وتخصيص قسم لهذه المجموعة التي كانت مهمتها إعادة اكتشاف النصوص العلمية القديمة المكتوبة باللغات العربية والعبرية واليونانية في الطب والجبر والفلك.
إبراهيم بن داوود (1110-1180): حاخام كاتب ومؤرخ وفيلسوف وفلكي عاش في قرطبة. من أهم مؤلفاته "العقيدة الرفيعة" التي كتبت بالعربية ثم تُرجمت إلى العبرية
قرار المجمع الكنسي في 1312: عقد المجمع المسكوني الخامس عشر للكنيسة الكاثوليكية في مدينة Vienne (فرنسا) بين 1311 و1312. كان من نتائجه سحب الدعم البابوي لفرسان الهيكل بتحريض من ملك فرنسا فيليب الرابع، ومصادرة أراضيهم، واعتبارهم هراطقة. والقرار المهم الآخر كان إنشاء كراس (أساتذة) للغات اليونانية والعبرية والأرامية والعربية في جامعات أفينيون وباريس وأكسفورد وبولونيا وسالامانكا.
"Stanford Encyclopedia of philosophy"