(1458-1395) يوحنا الاشقوبي
Ioannis de Segovia, Joannes Alfonsi, Juan de Alfonso, John of Segobia
Ioannis de Segovia, Joannes Alfonsi, Juan de Alfonso, John of Segobia
يوحنا الاشقوبي عالم لاهوت قشتالي يعد من أهم الشخصيات في أوروبا في القرن الخامس عشر الذي شهد نهضة فكرية واضطرابات في الكنيسة.
ولد في أواخر القرن الرابع عشر، في 1393 أو 1395، في مدينة شقوبية التي كانت مركزا مهما في مملكة قشتالة، في مرحلة تغيرات كبيرة قي شبه الجزيرة الإيبيرية. وقد ورد ذكره في عدد من الوثائق باسم يوانيس دي سيغوفيا أو وجوانيس ألفونسي أو خوان دي ألفونسو.
لم يعرف الكثير عن حياته قبل مشاركته في مجمع بازل الكنسي، باستثناء أنه درس في جامعة شلمنقة (سلمنكا) وكان اسقف طليطلة وشقوبية وبلنسية، وأستاذا للاهوت في جامعة شلمنقة والقانون في طليطلة.
في 1427، ألقى يوحنا الاشقوبي محاضرة جامعية حول ضرورة قبول الجميع بالمسيحية من أجل الخلاص. ودعا الحضور إلى التعامل بجدية أكبر مع واجبهم المتمثل في جعل الإنجيل مقبولا من قبل غير المسيحيين. ولم يتحدث في الجزء الأكبر من خطابه بشكل مباشر عن المسلمين، لكنه أورد بعض الأفكار حول معتقداتهم ومكانتهم.
لعب يوحنا الاشقوبي دورا مهما في في مجمع بازل للكنيسة الكاثوليكية الذي عقد من 1431 إلى 1449. وقد أرسل إلى المجمع بصفة ممثل لجامعة شلمنقة ولملك قشتالة خوان الثاني، مما يدل على مكانته المرموقة في المجالين الأكاديمي والسياسي في قشتالة.
وفي المجمع الذي عقد في فترة صعود العثمانيين المسلمين الذين بدأوا غزو أوروبا، كان يوحنا الاشقوبي من مؤيدي المجمعية التي تؤكد تفوق المجمع العام للكنيسة على البابا.
بعد ذلك، اعتزل في دير إينو في منطقة سافوا في فرنسا حيث قام بترجمة دقيقة للقرآن الكريم إلى الإسبانية. ولانه لا يعرف العربية استقدم الفقيه الأندلسي المسلم عيسى بن جابر الشقوبي، أحد أهم علماء الفقه في القرن الخامس عشر وكان يتقن الاسبانية والعربية.
ترجم عيسى بن جابر الآيات شفهيا إلى الاسبانية ليحررها الاشقوبي باللاتينية. وكما ورد في رسائل، كان عيسى بن جابر قد حفظ القرآن وتمت ترجمته بناء على ما نقله.
وقد ترجمت النسخة الاسبانية إلى اللاتينية أيضا. لكن النسختين الاسبانية واللاتينية مفقودتان.
كان يوحنا الاشقوبي يرى أن مقاومة الدولة العثمانية التي تهدد أوروبا بأكملها، لن تجدي واختار الكتابة ليهاجم الإسلام وإقناع المسلمين باعتناق المسيحية. وكان هدفه من ترجمة القرآن توفير ترجمة موثوقة للنص المركزي للإسلام للعلماء الغربيين، مدفوعا بإيمانه بأن الفهم الشامل للنصوص الإسلامية أمر ضروري لتعزيز الحوار السلمي وتسهيل اعتناق المسلمين الديانة المسيحية في نهاية المطاف، لا سيما في أعقاب سقوط القسطنطينية في 1453.
كتب الاشقوبي في وقت لاحق أنه رأى ترجمة للقرآن الكريم في ألمانيا في 1437 وحصل على نسخة منها، لكن وجد أن الترجمة غير دقيقة. ويبدو أنه حصل على هذه النسخة من الاسقف الألماني نيكولاوس كوزتنوس (1401-1464) الذي كان فيلسوفا وعالم لاهوت ورجل قانون وعالم رياضيات وفلك ومن أبرز وجوه عصر النهضة في أوروبا.
بعد الانتهاء من ترجمة القرآن، كتب كتابه "طعن المسلمين بسيف الروح" الذي يعكس الأفكار المسيحية السائدة حينذاك، لكنه يتناقض مع دعوته بعد سقوط القسطنطينية، إلى حوار سلمي مع العالم الإسلامي.
ففي السنوات الأخيرة من حياته أصبح يرى أن التواصل بين الأديان المبني على المعرفة الكاملة لدين الآخر، وليس الحملات الصليبية، ينبغي أن يؤدي إلى السلام، عبر إقناع الآخر إما بتغيير دينه أو على الأقل إقناعه بوقف الحرب.
وكانت هذه الأفكار تتناقض بشكل صارخ مع العقلية الصليبية السائدة حينذاك التي ركّزت على القوة العسكرية والمواجهة. فقد طرح الاشقوبي مسارا مختلفا قائما على التفاعل الفكري والقدرة الإقناعية للفهم اللاهوتي.
كانت حجج يوحنا الاشقوبي في هذا المجال نابعة من تفسيره لمبادئ الكتاب المقدس. فقد أكد على "طريق السلام والعقيدة بدلاً من طريق الحرب" ورأى أن الإقناع الفكري والروحي كان أخلاقيا أكثر فاعلية وسلامة من الإكراه العسكري في مسائل الإيمان.
روى الاشقوبي في رسالة في 1451، أنه بحث في 1431 عن مسلم مطلع يمكنه المشاركة في مناقشة حول المعتقدات والإيمان. وأوضح أنه قام في تموز (يوليو)، بمحاولة أولى مع أبي الحجاج يوسف الرابع (1370-1432) الذي كان في قرطبة في ذلك الوقت وأصبح ملك غرناطة في وقت لاحق. وطلب منه إرسال أحد أفراد حاشيته لإجراء هذه المناقشة. فكان رد الأمير أنه لا يجرؤ أي مسلم على المشاركة في مناقشة من هذا النوع في الأراضي المسيحية. وعرض يوحنا عقد الاجتماع سراً في أحد المساكن الخاصة أو في الريف حتى لا يتمكن أحد من سماع النقاش، لكن ذلك لم يجد.
في تشرين الأول (أكتوبر) من العام نفسه وخلال رحلة إلى مدينة دل كامبو الإيطالية، التقى رجلا متعلما من غرناطة يعمل في البلاط الملكي. سعى الاشقوبي إلى هذا الاجتماع إلى الاستفسار عن مصير بعض الأصدقاء من قرطبة الذين تم أسرهم في مجمع القصر في غرناطة. بعدما حصل على تأكيدات بأن أصدقاءه بخير، سأل الاشقوبي عن ممارسات ومعتقدات الرجل. وقد التقيا مرات عدة وناقشا عددا من المعتقدات المسيحية.
ساهم يوحنا الاشقوبي أيضا في النقاشات اللاهوتية بين الكنائس الغربية والشرقية من خلال كتابه "حول انبثاق الروح القدس" (De processu Spiritus Sancti).
كما جمع معجما للكتاب المقدس يحمل عنوان "معجم الكلمات غير القابلة للتغيير في الكتاب المقدس"، (Concordantiae biblicae vocum indeclinabilium)، نُشر في بازل في 1476.
في المقدمة الأولى لكتابه "طاقة القرآن" (Cribratio Alkorani)، يروي نيكولاوس كوزنتوس كيف أعار يوحنا الاشقوبي نسخة من القرآن الكريم قبل مغادرته إلى القسطنطينية في 1437. وفي رسالة إلى كوزنتوس مؤرخة في الثاني من كانون الأول (ديسمبر) 1454، لا يكتفي يوحنا الاشقوبي بذكر ذلك بامتنان، بل يتذكر أيضًا كيف كان الرجلان في بازل، يناقشان غالبًا "الطقوس والشعائر والعادات الإسلامية والطرق التي يمكن من خلالها جعل المسلمين يعتنقون المسيحية".
الموسوعة الكاثوليكية
موسوعة المستشرقين، عبد الرحمن بدوي
"Juan de Segovia and the Fight for Peace: Christians and Muslims in the Fifteenth Century", Anne Marie Wolf