(1423-1355) أنسيلم تورميدا
Anselm Turmeda
Anselm Turmeda
أنسيلم تورميدا الذي عرف لاحقا باسم عبد الله الترجمان الميورقي، رجل دين مسيحي اسباني اعتنق الإسلام بعد سفره إلى تونس، وكان من أبرز الشخصيات الدينية والثقافية التي ربطت بين العالمين المسيحي والإسلامي في أواخر القرون الوسطى، ومن أوائل الكتاب الذين ألفوا أعمالا باللغتين العربية والكاتالونية.
ولد تورميدا في مايوركا في 1355 وكان والده شخصية مرموقة في الجزيرة وأنسيلم ابنه الوحيد. في سن السادسة، بدأ تعليمه الرسمي على يد كاهن، علمه قراءة الإنجيل. وقد تجلّت قدرته على التعلم عندما حفظ أكثر من نصف الإنجيل في غضون عامين. بعد هذه الفترة الأولية، كرّس ست سنوات لإتقان لغة الإنجيل ومبادئ المنطق.
كتب تورميدا أنه عاش ودرس في مدينة ليريدا (اسمها الحالي لييدا) التي كانت مركزا مهما للتعليم المسيحي في قشتالة. وأمضى تورميدا ست سنوات في دراسة العلوم الفيزيائية وعلم الفلك، تلتها أربع سنوات أخرى ركّز فيها على الإنجيل ولغته.
في سن العشرين، انضم تورميدا إلى الرهبنة الفرنسيسكانية. وقد دفعه هذا القرار إلى مواصلة دراساته اللاهوتية في جامعتين أوروبيتين مهمتين: بولونيا وباريس.
في بولونيا، أقام في كنيسة مع كاهن مسن يحظى باحترام كبير لمعرفته العميقة وتقواه وزهده. خدم تورميدا هذا الكاهن عشر سنوات وأصبح مساعدا له واكتسب رؤى عميقة في مبادئ المسيحية وممارساتها وأتاح له الاطلاع على تفسيرات الإيمان الأرثوذكسي.
وخلال دراسته في جامعة بولونيا، دخل في نقاش مهم مع كاهن يُدعى نيكولاو مارتيلو حول مقطع في الإنجيل يتحدث عن مجيء نبي. بعد نقاش لم يجد حول هوية هذه الشخصية، لجأ تورميدا إلى الكاهن المسن الذي كان يعيش معه مستفسرا عن هذا المقطع، فأجابه أنه النبي محمد وأن طريقه يمثل الطريق الواضح المذكور في الإنجيل.
واعترف الكاهن أيضًا بأنه لو التزم المسيحيون بتعاليم عيسى الأصلية، لبقوا على دين الله الحق، لكنهم انحرفوا وكفروا. وأكد صراحةً أن الخلاص يكمن في اعتناق الإسلام.
ونصح الكاهن تورميدا بالسفر إلى بلاد المسلمين واعتناق دينهم، وأعطاه خمسين دينارا ذهبيا لمساعدته في رحلته.
انطلق تورميدا بعد ذلك في رحلة بحرية قادته في البداية إلى موطنه مايوركا، حيث أقام مع والديه ستة أشهر. بعد ذلك، سافر إلى صقلية، حيث مكث خمسة أشهر، بانتظار سفينة متوجهة إلى بلاد المسلمين.
من صقلية أبحر إلى تونس حيث وجد مجتمعا يضم علماء وتجارا مسيحيين، ومكث معهم في البداية أربعة أشهر.
خلال هذه الفترة، سعى إلى التواصل مع مسلم يمتلك معرفة بالمسيحية، وتعرف على يوسف، طبيب السلطان ومستشاره المقرب. كشف تورميدا ليوسف أن هدفه من رحلته هو اعتناق الإسلام فرتّب له لقاء مع السلطان أبو العباس أحمد الثاني (حكم من 1370 إلى 1394) الذي استفسر عن دوافعه وأذن له باعتناق الإسلام وحدد له مصروفا يوميا من بيت المال وسهّل زواجه من ابنة الحاج محمد الصفار.
وبعد اعتناقه الإسلام، اتخذ تورميدا اسم عبد الله الترجمان.
في 1417، نشر كتابه "مجادلة الحمار" (Disputa de l'ase) باللغة الكاتالونية ويهدف إلى التثقيف بطريقة مسلية. وهو يقع في ثلاثة أجزاء لم ينج أي منها بلغته الأصلية إذ إن محاكم التفتيش أدرجته على لائحة الكتب المحظورة في 1583 لأنه لا يتوافق مع العقيدة المتشددة لإسبانيا الكاثوليكية في القرن السادس عشر. لكن تتوفر نسخ مترجمة إلى الكاتالونية مصدرها ترجمة فرنسية من العصور الوسطى.
ويتضمن الكتاب جدلا بين حمار وراهب حول تفوق البشر على الحيوانات وكل منهما يدافع عن نوعه. لكن في نهاية المطاف ينتصر البشر لأن المسيح تجسد في رجل.
لكن أشهر عمل له هو "تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب" الذي اعتمد فيه على آراء ابن حزم الأندلسي. كُتب هذا الكتاب وهو سيرة ذاتية، باللغة العربية في 1420 ولقي رواجا كبيرا في العالم الإسلامي. وقد ترجم إلى اللغتين التركية والفارسية.
ويؤكد تورميدا فيه التزامه العميق بالإسلام وينتقد المعتقدات والممارسات المسيحية.
في 1423، أصبح وزيرا في الحكومة الحفصية في تونس خلال حكم أبو فارس عبد العزيز الثاني الذي استمر حتى 1434.
توفي تورميدا في تونس في 1423. وبعد قرون، ما زال قبره في تونس مزارا للمسلمين.
من مؤلفاته
"كتاب في التعاليم الصالحة" يوضح تورميدا أنه ألفه في 1398، أي بعد أحد عشر عاما على استقراره في تونس. ويتألف من 428 قصيدة مرتبة في ثلاثة مقاطع مقفاة تليها مقطع خالٍ من القافية.
"كتاب النبوات" وهو عمل مثير للجدل ضد المسيحية ويؤكد نبوة محمد. وقد صدرت منه ثلاث طبعات باللغة العربية، وثلاث بالتركية، وواحدة بالفارسية في قرن واحد (1873 إلى 1971).
السلطان أبو العباس أحمد الثاني (حكم من 1370 إلى 1394)
نيكولاو مارتيلو كاهن غامض قد يكون نيكولا دي مويماكو الذي توفي في 1395 ("اعتناق الإسلام في العصر ما قبل الحديث: مرجع" لنمرود هورفيتز، كريستيان سي. ساهنر، أورييل سيمونسون ولوك ياربرو)
"Conversion to Islam in the Premodern Age: A Sourcebook", Nimrod Hurvitz, Christian C, Sahner, Uriel Simonsohn, Luke Yarbrough
موسوعة المستشرقين، عبد الرحمن بدوي
"Autobiography of a Muslim convert: Anselm Turmeda", Roger Boase