ايميل أوبري (1880-1960)
Emile Aubry
Emile Aubry
احد اهم الرسامين الذين ولدوا لعائلات اوروبية استوطنت في الجزائر خلال الاستعمار الفرنسي (1830-1962).
ولد اوبري في 18 نيسان (ابريل) 1880 في سطيف التي احتلها الفرنسيون عسكريا أولا في 1838، ثم تدفق عليها المستوطنون الاوروبيون وخاصة الفرنسيون، قبل ان تقرر السلطات الاستعمارية بناء "مدينة اوروبية" فيها في 1847.
كان والده شارل البير طبيبا جند في الجيش ونقل الى سطيف. وبعد تسريحه من الجيش اختار البقاء في المدينة حيث تزوج شابة من هناك استوطن والداها في المنطقة قبل ثلاثين عاما وتعمل عائلتها في صناعة الساعات. وعمل الاب في عيادة له في المدينة التي اصبح رئيسا لبلديتها ثم ممثلا لها في مجلس الشيوخ.
درس ايميل اوبري في مدرسة للفرنسيين في سطيف التي كانت مدينة تتسم بالتنوع يعيش فيها عرب واسبان وفرنسيون وايطاليون ويهود وبربر ومالطيون... وبدأ الرسم مستوحيا من البيئة المحيطة به. وارسل بعد ذلك مع شقيقه جورج الى باريس لاكمال دراستهما قبل الالتحاق بالجامعة حيث اختار لهما والدهما دراسة الطب، لكنه اختار الرسم. فقد فاز بجائزتين للرسم قبل ان ينهي دراسته الثانوية، وقرر دراسة الفنون الجميلة مما اثار غضب والده الذي قاطعه ورفض تقديم اي دعم مادي او معنوي له. لكن شقيقه ساعده سرا وبقي على اتصال به.
في باريس، درس اوبري لدى الرسام الاكاديمي والاستشراقي جان ليون جيروم (1824-1904). وقد اصبح من تلاميذه المفضلين ومنح في 1905 جائزة روما الثانية ثم بعد سنتين حصل على الجائزة الاولى التي سمحت له بدراسة فن الرسم والنحت في ايطاليا بدقة.
وللعلم، جائزة روما انشأها الملك لويس الرابع عشر في 1663 لمنح الفنان الفائز بها هبة تسمح له بالاقامة في روما بين ثلاث وخمس سنوات على نفقة الدولة والغيت في 1968.
بعد ذلك انتقل الى العمل باشراف الرسام جورج روشغروس (1859-1938) واتقن فن البورتريه. لكنه بقي يشعر بحنين كبير لمسقط رأسه ويزور سطيف كل سنة ليرسم او يخط مسودات لرسوم او ملاحظات في مرسمه بالقرب من العاصمة على سفح تل كنيسة السيدة الافريقية.
في 1914 توقفت مشاريعه الفنية فجأة مع اندلاع الحرب العالمية الأولى وتم تجنيده وقاتل في معركة المارن في ايلول (سبتمبر) من السنة نفسها وجرح. بعد انتهاء علاجه ارسل من جديد الى الجبهة لكنه وظف في قسم التمويه.
بعد انتهاء الحرب عاد الى مسقط رأسه واستانف الرسم. اقام لفترات متقطعة في العاصمة التي تجول فيها من مرتفعات البيار الى بوزريعة والقصبة والاحياء القديمة في المدينة، لكن لأسباب مادية اضطر للعودة الى باريس والى رسم البورتريه.
في 1920 حصل على جائزة المعرض السنوي تقديرا للوحته "سيدة بالأسود".
وإلى جانب الرسم، نفذ عددا من المشاريع المهمة مثل دار الأوبرا في الجزائر العاصمة، والجناح الجزائري في المعرض الاستعماري في 1931 في باريس.
وتخطت شهرته فرنسا واصبح يستقبل سيدات ثريات من اميركا ومصر واسبانيا ومقربا مع زوجته من هذه الطبقة ويحضر حفلات باذخة على يخوت قادته الى كورسيكا ومرافئ في المتوسط
في 1935 اصبح عضوا في لجنة الفنانين الفرنسيين وترأس لجنة التحكيم في السنة نفسها ثم انتخب عضوا في اكاديمية الفنون الجميلة. ومع هذه المسؤوليات الجديدة اضطر للبقاء في باريس وحرم من الاقامة لفترات طويلة في الجزائر.
في 1939 اندلعت الحرب العالمية الثانية وعلق في باريس لكنه تمكن من الهرب الى شمال افريقيا على سفينة مع زوجته وترك شقته ومرسمه، ليستقر في الجزائر حيث استأنف الرسم.
بعد انتهاء الحرب في 1945، عاد الى فرنسا وأصبح رئيسا لاكاديمية الفنون الجميلة في 1948.
توفي في بلدة فوتني-سور-كور في جنوب شرق فرنسا في التاسع من كانون الثاني (يناير) 1964.
اعمال اوبري موزعة في عدد من متاحف العالم الى جانب متحف يحمل اسمه في مدينة بجاية ويضم العديد من الاعمال التي اهداها الى المدينة.