بونافنتورا دا سيينا
(القرن الثالث عشر)
Bonaventura da Siena, Bonaventure of Siena
(القرن الثالث عشر)
Bonaventura da Siena, Bonaventure of Siena
بونافنتورا دا سيينا كاتب ومترجم إيطالي في ستينيات القرن الثالث عشر، عمل في بلاط ألفونسو العاشر (1221-1284) ملك قشتالة واحتل مكانة كبيرة في تاريخ الترجمة والتبادل الثقافي خلال العصور الوسطى ومن أبرز أعماله ترجمة "كتاب المعراج" من اللغة القشتالية إلى اللغة اللاتينية.
المعلومات المتعلقة بعائلة بونافينتورا دا سيينا وحياته الشخصية قليلة جدا. فالسجلات التاريخية لا تقدم أي تفاصيل عن أصوله أو حياته قبل وصوله إلى بلاط ألفونسو العاشر في إشبيلية. لكن وثيقة مؤرخة في 18 كانون الثاني (يناير) 1284، تفيد بأن رجلا يُدعى فيليبو بونافينتورا دا سيينا عُيّن عضوًا في مجلس العائلة الملكية (فاميليا ريجيس) لملك أراغون بطرس الثالث. ويحتمل أن يكون بونافنتورا دا سيينا والده.
تعود أقدم وثيقة ذكر فيها اسم بونافنتورا دا سيينا إلى 1264 ويوصف فيها بأنه "كاتب عدل وكاتب للملك" مما يدل على إلمامه بالقراءة والكتابة ودوره في إعداد الوثائق الرسمية للإدارة الملكية.
كما تدل وثيقة أخرى مؤرخة في 10 أيار (مايو) 1266، على أنه تولى صياغة القانون الرسمي المتعلق بزواج الطفل فرناندو دي لا سيردا نجل ألفونسو العاشر، من بلانش ابنة لويس التاسع، ملك فرنسا.
وصل بونافنتورا إلى إشبيلية بعد انتخاب ألفونسو إمبراطورا للإمبراطورية الرومانية المقدسة عام 1257.
وبطلب من ألفونسو العاشر، قام بترجمة "كتاب المعراج" من اللغة القشتالية إلى اللغة اللاتينية وربما الفرنسية. وقد اعتمد على ترجمة من العربية قام بها إبراهيم الفاكوين المعروف أيضا باسم إبراهيم الطليطلي طبيب البلاط وكان يهوديا.
وتُعدّ ترجمته ل"كتاب المعراج" مساهمة كبيرة في محاولة فهم الفكر الإسلامي في أوروبا. وتشير ملاحظة موجودة في المخطوطة الوحيدة الباقية من الترجمة الفرنسية القديمة، إلى أن هذه النسخة اكتملت في أيار (مايو) 1264.
لم يرد أي دليل على أن بونافنتورا هو من أنجز أن الترجمة الفرنسية من اللاتينية. ويبدو أنها تمت بعد فترة وجيزة من انتهاء النسخة اللاتينية، من قبل مترجم مجهول.
وقد فقدت النسخة القشتالية وبقي النص اللاتيني المحفوظ في مخطوطتين في باريس بعنوان "سلم محمد" وأخرى بالفرنسية محفوظة في أكسفورد.
هذه الترجمة أثارت اهتماما كبيرا في أوروبا في العصور الوسطى. فقد اعتبر آنذاك نصا رئيسيا في الإسلام، حتى أن بعض الباحثين وصفوا هذا العمل بأنه "الكتاب الثاني" بعد القرآن الكريم. وكما ورد في مقدمة النسخة الفرنسية، يعتبر وثيقة مهمة لفهم ونقد ما اعتبر "أخطاء وأمورا لا تصدق" في العقيدة الإسلامية.
وأبعد من ذلك، كان الكتاب موضع نقاش علمي واسع بشأن تأثيره المحتمل على كتاب الكاتب والشاعر الإيطالي دانتي أليغييري في القرن الرابع عشر، "الكوميديا الإلهية".
في انتخابات جرت في 1257 خلال عُرفت باسم "فترة خلو العرش الكبرى الامبراطورية الرومانية المقدسة"، انقسم أمراء الإمبراطورية الرومانية المقدسة، مما أدى لى انتخاب امبراطورين هما ريتشارد كونت كورنوال والملك ألفونسو العاشر ملك قشتالة. وأصر كل منهما على أنه انتُخب بشكل قانوني. وكان البابا إينوسنت الرابع أعلن في 1245، خلع فريدريك الثاني إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة، مما أدى إلى انقسام وفوضى حاول خلالها عدد من الشخصيات اعتلاء العرش. ولإنهاء هذا الوضع أجريت الانتخابات.
كان ألفونسو العاشر ملك قشتالة من 1252 إلى 1284 مهتما بالأعمال الفكرية ورعاية التعليم، وكان بلاطه مركزا للعلماء من خلفيات دينية وثقافية متنوعة. في هذه الفترة ازدهرت مدرسة طليطلة للمترجمين التي لعبت دورا أساسيا في وضع مجموعة كبيرة من الأعمال العلمية والفلسفية والأدبية العربية في متناول جمهور أوروبي أوسع من خلال الترجمات إلى اللاتينية والإسبانية القشتالية. وقد شارك ألفونسو بنفسه بجد في هذا الجهد.
"كتاب المعراج" يروي قصة الإسراء والمعراج في سبعة فصول. وقد كتب باللغة العربية ويُعتقد ان مؤلفه هو أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد القشيري (من 367 إلى 465هـ). ويحمل النص المترجم إلى اللاتينية عنوان "سلم محمد". ومع أن بعض المصادر تقدمه على أنه رواية النبي نفسه التي سجلها ابن عمه ابن عباس (توفي عام 687)، يعتبر علماء أنه مزور ويُعتقد أنه كتب في القرن الثالث عشر. وقد يكون المصدر العربي نفسه عبارة عن مجموعة من الأحاديث النبوية جُمعت بهدف الترجمة.
وجد عدد من الباحثين أوجه شبه كثيرة بين أوصاف الحياة الآخرة في النص الإسلامي وكتاب "الملهاة الإلهية" لدانتي تلميذ برونيتو لاتيني الذي كان سفيرا لدى بلاط ألفونسو العاشر في طليطلة عام 1260. وقد يكون اطلع عن طريقه على "كتاب المعراج".
"قاموس سير الإيطاليين"