(1874-1810) ابراهام غايغر
Abraham Geiger
Abraham Geiger
حاخام وعالم ألماني يوصف بأنه المنظر الرئيسي للحركة الإصلاحية أو الليبرالية اليهودية و"خبير" في الدراسات القرآنية.
ولد غايغر في 24 أيار (مايو) 1819 في مدينة فرانكفورت ونشأ في أسرة يهودية محافظة ودرس الديانة اليهودية في نصوصها التقليدية. وبعدما تعلم اللغتين اليونانية واللاتينية سعى إلى توسيع معرفته خارج أطر تعليمه الديني المتشدد. وبفضل مساعدة مالية من أصدقائه تمكن من الالتحاق بجامعة هايدلبرغ، مما أثار خيبة أمل كبيرة لعائلته المحافظة جدا التي كانت تامل في مواصلة تعليمه الديني.
ركز في دراسته على مجالات فقه اللغة والسريانية والعبرية والكلاسيكية، لكنه حضر أيضا محاضرات في الفلسفة وعلم الآثار. وبعد فصل دراسي واحد، انتقل إلى جامعة بون ليتابع تعليمه وبدأ دراسة مكثفة للغة العربية والقرآن الكريم.
وقد فاز بجائزة عن دراسة كتبها في الأصل باللغة اللاتينية، ونشرت لاحقًا باللغة الألمانية بعنوان "ماذا أخذ محمد من اليهودية؟". وبناء على هذه الدراسة منح درجة الدكتوراه من جامعة ماربورغ.
في دراسته هذه، رأى غايغر أن أجزاء كبيرة من القرآن الكريم مستقاة من الأدب الحاخامي أو مبنية عليه. كانت هذه الدراسة خطوة أولى في مشروع فكري أكبر بكثير سعى فيه غايغر إلى إظهار التأثير الكبير للديانة اليهودية على المسيحية والإسلام. فقد كان يعتقد أن هاتين الديانتين ليستا أصيلتين، بل هما مجرد وسيلة لنقل العقيدة التوحيدية اليهودية إلى العالم الوثني.
بين 1832 و1837 كان غايغر حاخام الجالية اليهودية في مدينة فيسبادن حيث واصل نشر دراساته في مجلات علمية أسسها وتولى تحريرها. وأصبحت هذه المقالات مصادر مهمة للدراسات التاريخية والدينية اليهودية.
في تلك الفترة أطلق برنامجه لحركة إصلاحية لليهودية تتركز على إصلاح الطقوس الدينية وتستند إلى دراسة علمية للتاريخ. وقد رأى أنه على اليهود أن يكفوا عن الحزن على الهيكل لأنهم مواطنون ألمان وهذا الأمر يجعل ولاؤهم لدولتهم موضع شك. وكان يعارض أيضا فكرة هوية قومية لليهود.
على الرغم من اعتراض كثر على أفكاره الإصلاحية، كان غايغر حاخاما في بريسلاو وبرلين وفرانكفورت.
رفض غايغر التدخل في ما عرف بقضية دمشق التي طالت في 1840 عددا من اليهود.
من مؤلفاته "اليهودية والإسلام" (1833) و"أصول القرآن: مقالات كلاسيكية عن الكتاب المقدس للإسلام" (1833)، و"نداء إلى أمتي" (1842) و"اليهودية وتاريخها" (1865-1871).
توفي في برلين في 23 تشرين الأول (أكتوبر) 1874.
الحركة الإصلاحية اليهودية أو اليهودية الليبرالية أو اليهودية التقدمية تؤكد على طبيعة اليهودية القابلة للتطور وتغلب جوانبها الأخلاقية على جوانبها الطقسية، والإيمان بالوحي المستمر المرتبط بشكل وثيق بالعقل البشري ولا يقتصر على ظهور الرب في جبل سيناء. وهي تعتبر الشريعة اليهودية غير ملزمة واليهودي فردا مستقلاً، وتتسم بانفتاح كبير على التأثيرات الخارجية والقيم التقدمية.
جامعة هايدلبرغ هي أقدم جامعة في ألمانيا تأسست في 1386 بأمر من البابا أوربان السادس وكانت ثالث جامعة تقام في الامبراطورية الرومانية المقدسة بعد براغ (1347) وفيينا (1365).
جامعة بون تأسست في 1818.
قضية دمشق حدثت في 1840 وتتلخص باختفاء الراهب الفرنسيسكاني الفرنسي الأب توماس دا كالانجيانو أو توماس الكبوشي وخادمه المسلم ابراهيم عمارة واتهام اليهود بقتلهما، مما أدى إلى اعتقال عدد كبير من اليهود وتعذيبهم على يد السلطات المصرية في دمشق إلى أن "اعترفوا" بذلك.
في تلك الفترة وفي إطار المنافسة بين القوى الأوروبية للسيطرة على الشرق الأوسط، كانت كل دولة تحمي طائفة دينية: الروس يحمون الأرثوذكس والفرنسيون يحمون الكاثوليك والانكليز يحمون اليهود.
في هذا الإطار، دعم القنصل الفرنسي في دمشق أوليس دي راتي-مانتون (1799-1879) المسيحيين الذين اتهموا اليهود بقتل الرجلين لأغراض شعائرية. وكان راتي-مانتيون أول قنصل فرنسي في دمشق بعد إنشاء القنصلية الرسمية في 1839، معروفا بعدائه لليهود وتغليبه مصالح التجار وغيرهم من المسيحيين على مصالح اليهود.
ولم يُفرج حاكم مصر محمد علي عن اليهود إلا بعد تدخل قوى أوروبية أخرى بينها بريطانيا والنمسا لكنه رفض تبرئتهم. لكن بعد الانسحاب المصري واستعادة العثمانيين لدمشق، أصدر السلطان عبد المجيد الأول مرسوما بإسقاط التهم عنهم.
أدت هذه القضية إلى موجة من العداء الحاد لليهود